أفضل الطرق لتخفيف الوزن
د.محمد صفدي
نشاهد في السنوات الأخيرة انتشار طرق مختلفة لتخفيض الوزن، يقوم أصحابها ومسوقوها بالترويج لها في شتى الطرق ووسائل الأعلام، واعدين الناس بتخفيض الوزن خلال أيام قليلة. وما أكثر هذه المنتوجات التي تباع في حوانيت البقالة وبطريقة "أطرق الباب"، أي التسويق المباشر. معظم العاملين في شركات الإنتاج والتسويق يعرفون حساب الأرباح التي ستعود عليهم، لكنهم يجهلون تماماً محتويات وطريقة ومركبات هذه المنتوجات، وهم يجهلون مفعولها ونتائجها.
لقد ثبت علمياً، أن زيادة الوزن تسبب العديد من الأمراض، ولهذا تقوم منظمة الصحة العالمية "World Health Organization " WHO، بتحفيز المؤسسات المختلفة على نشر التوعية في هذا المضمار، والقيام بأبحاث علمية هدفها دراسة تأثير زيادة الوزن على صحة الفرد وإيجاد طرق لتخفيف الوزن دون المسٌ بصحته.
الأمراض التي تسببها الزيادة بالوزن
تسبب الزيادة بالوزن أمراضاً عديدة، منها :
1. إرتفاع ضغط الدم: يدعى هذا المرض "المرض الصامت" لأنه غالباً لا يشعر به المريض ويمكن أن يسبب الموت المفاجئ. هذا المرض خطير جداً، ويجب الاهتمام به واتباع إرشادات الطبيب. وفي الواقع تعاني منه نسبة كبيرة من الناس زائدي الوزن. هنك أسباب عدة لإرتفاع ضغط الدم، ولكن أهمها الزيادة بالوزن. فقد دلٌت الدراسات أن السمنة تزيد من احتمال إرتفاع ضغط الدم بنسبة تتراوح بين 180 – 350%.
2. مرض السكري : تشهد السنوات الأخيرة إرتفاعاً حاداً في هذا المرض، وأهم أسبابه هو الزيادة بالوزن. فقد دلّت الدراسات أن السمنة تزيد من إحتمال مرض السكري بنسب عالية جداً، من 1400 – 5300% وهذه زيادة هائلة. إضافة إلى أن مرض السكري يسبب أيضاً إرتفاع ضغط الدم وأمراضاً أخرى منها، مرض القلب والفشل الكلوي وفقدان البصر.....
3. مرض المفاصل: تدل الدراسات المتعلقة بالمفاصل أن زيادة الوزن تزيد من إحتمال أمراض المفاصل، وخاصة مفاصل الأرجل (الركب)، بنسبة تصل إلى 400%.
4. أمراض القلب: يزداد إحتمال حدوث أمراض القلب بنسب تتراوح بين 200 – 480%.
5. حصى المرارة: إحتمال أمراض حصى المرارة يزداد بنسب 150 – 270%.
6. تشوهات خلقية: يزداد إحتمالها بنسبة تصل إلى 90%.
7. مرض السرطان: يزداد كثيراً إحتمال هذا المرض الشائع مع إرتفاع الوزن، ويعتبر الدهن من أهم مسبباته. هنالك أمراض عديدة أخرى تسببها الزيادة بالوزن ممٌا يستلزم الإنتباه والعناية، والقيام بحملات توعية للجمهور حول أساليب الحفاظ عل الوزن المطلوب.
طريقة الكشف عن الزيادة بالوزن
إتفق المختصون في هذا المجال على عدة طرق لتحديد الزيادة بالوزن. أكثر طريقة متبعة هي قياس "مؤشر زيادة الوزن" الذي يدعى Body Mass Index) BMI-) معادلة احتساب هذا المؤشر: وزن الجسم بالكغم / تربيع الطول بالمتر.
مثال: إنسان وزنه 70 كغم وطوله 1.7 م فإن الـ BMI يكون 70/ 1.7 X 1.7 = 24 تقريباً.
كلما إرتفع وزن هذا الشخص كلما ارتفع الـ BMI.
وتعتبر منظمة الصحة الأمريكية أن الوزن الصحي يكون عادياً عندما يكون الـ BMI أقل من 25 . وقد وجد خبراء المعهد الطبي الأمريكي أن الـ BMI لدى 55% من الأمريكيين أعلى من 25 .
بالطبع، كلما إرتفع الـ BMI كلما إرتفع إحتمال الإصابة بالأمراض المختلفة. كذلك فإنه اذا كان الـ BMI أعلى من 30 فإن هذا يشكل عامل خطر للتسبب في العديد من الأمراض.
أسباب زيادة الوزن في هذا العصر
1) الوراثة.
2) الإفراط في تناول السكريات والنشويات والدهون.
نحن نتناول العديد من المنتوجات الغنية بهذه المواد. في الواقع نحن، عادة، لا نعرف ماذا نأكل، لذا علينا أن ننتبه لمحتويات كل منتوج، خاصة ما يحوي من الدهنيات. إن ما يحتاجه الشخص من الدهنيات يومياً يتراوح بين 30 – 50 غم وليس أكثر. على سبيل المثال، يحتوي "لوح شوكولاطة" على كمية دهون أكثر من الحاجة اليومية المطلوبة، لكن العديد من الناس لا يعرف ذلك.
3) الحياة الخاملة: نحن لا نتحرك كما كان أجدادنا يفعلون. والخمول يؤدي إلى السمنة. مثلاً، كثرة إستعمال السيارة والجلوس في المكاتب وعدم القيام بنشاطات جسدية تؤدي إلى الخمول، وهذا يضر بصحتنا. كما أن هنالك أسباباً أخرى تؤدي إلى زيادة الوزن.
الزيادة بالوزن عند الأطفال
تشير دراسات أجريت في الولايات المتحدة ودول أخرى، أن ظاهرة زيادة الوزن عند الأولاد آخذة بالإنتشار ويعود ذلك إلى نمط حياة الأولاد، الذين يقضون ساعات عديدة أمام التلفزيون والحاسوب ويكثرون من تناول المنتوجات الغنية بالكربوهيدرات والدهون، ويقللون من ممارسة الرياضة والحركة.
إن ظاهرة الزيادة بالوزن عند الأولاد ظاهرة خطيرة جداً، إذ تسبب، في سن مبكرة جداً، العديد من الأمراض، لهذا على الأهل والمربين ووزارة الصحة ووزارة المعارف أن يقوموا بحملة توعية كبيرة، وهذا لا يحدث في بلادنا.
طرق تخفيف الوزن
تكثر الإعلانات حول طرق ومستحضرات تخفيف الوزن، التي تعدّها وتنشرها الشركات المختلفة، وتوهم الناس بالحلول والنتائج السحرية، من خلال التأكيد بأن الطرق التي توصي بها، هي من أسلم الطرق وأنجعها. لكن علينا الحذر ثم الحذر. لأن العديد من هذه الطرق يسبب مشاكل كثيرة، وربما في نهاية الأمر، تؤدي إلى زيادة وزن أكبر مما كان في السابق!
في البداية يشعر متبعو هذه الطرق أن وزنهم يأخذ بالانخفاض، ثم يعود بعد مدة ويرتفع أكثر مما كان عليه.
عملية تخفيض الوزن يجب أن تتم تحت إشراف طبيب أو خبير غذائي، ومن الأفضل كلاهما سوية.
وعلينا التذكير أنه من السهل أن نخفض وزننا، لكن من الصعب جداً أن نحافظ عليه ونمنع إرتفاعه مرة أخرى. قد تساعد معظم الطرق على خفض الوزن، لكنها لا تساعد على الحفاظ على الوزن المنخفض.
حمية الخضراوات والفاكهة
تعتبر حمية الخضراوات والفاكهة طريقة خاطئة تماماً، وتسبب مشاكل كثيرة للجسم، لأن الجسم بحاجة يومياً إلى كافة مركبات الغذاء: كربوهيدرات (نشويات وسكريات)، زلال – بروتينات، دهون، فيتامينات، أملاح وماء. وإذا لم يتزود الجسم بما فيه الكفاية من أحد هذه المركبات الضرورية، فسوف يتعرض للمرض. ولا يمكن ملاحظة المرض مباشرة، لذا قد يتطور بعد مدة وقد تطول هذه المدة سنوات عديدة. بالمقابل تتفاوت الكميات التي نحتاجها من كل مركب، وهذا يستلزم بأن تكون تغذيتنا من هذه المواد على شكل هرمي.
إن مساحة قاعدة الهرم أكبر من مساحة جزئه العلوي، وكلما صعدنا بالهرم كلما صغرت المساحة. وهكذا فالمواد التي يجب أن نأخذ منها حصصاً أكثر، هي: الخبز والنشويات والمعكرونة والبطاطا، تأتي بعدها الخضراوات والفواكه وبعدها منتوجات الألبان واللحوم. وفي قمة الهرم – الحلويات والدهون. هذا يعني أنه يجب أن نقلل كثيراً من تناول الحلويات والدهون.
بالنسبة للنشويات علينا أخذ أكثر عدد من الحصص يومياً. والحصة هي قطعة خبز قمح وحبة بطاطا وفنجان معكرونة وفنجان أرز.
إن الجسم بحاجة إلى كافة المواد المذكورة، وهنالك قوائم تحدٌد الكميات التي يجب أن نتناولها يومياً. علينا أن لا نمتنع عن تناول أي نوع من أنواع الغذاء، ولنتذكر أن الدهون تزودنا بأكبر كمية من السعرات يليها الكربوهيدرات والزلال. أما الفيتامينات والأملاح والماء فلا تعطي سعرات أبداً. والحاجة لجسم وزنه 70 كغم هي :
· زلال : 60 – 80غم (حوالي 1غم/كغم جسم)
· دهون : 30 – 50غم (حوالي 7غم/كغم)
كل هذه تزودنا بحوالي 2200 – 2500 سعر حراري، وهذه هي حاجتنا اليومية من السعرات.
مواد يجب التقليل منها
إذا أردنا تخفيف الوزن علينا التقليل، وليس الامتناع كلياً، عن تناول الكربوهيدرات والدهون، ويجب أن يتم هذا طبعاً بمراقبة طبيب أو خبير غذائي. ولا يجوز مثلا تقليل السعرات إلى 1200 بدل 2500، إذ لكل جسم حاجته من السعرات. لذلك يحظر البدء بأية طريقة لتخفيف الوزن، دون مراقبة طبيب أو خبير غذائي.
الحمية بواسطة وجبة واحدة في اليوم
هنالك من يتبع طريقة الحمية بواسطة وجبة واحدة في اليوم، وهذه طريقة خطيرة أيضاً، وعلينا تناول خمس وجبات يومياً: وجبة إفطار، وجبة الساعة العاشرة، وجبة الغداء، وجبة العصر ووجبة العشاء.
يمكن أن تكون الوجبة مؤلفة من مادة واحدة أو عدة مواد. الوجبات الرئيسية، مثل الفطور والغداء والعشاء يجب أن تحتوي على كافة المواد المذكورة (الكربوهيدرات، الدهون، الزلال، الفيتامينات، الأملاح والماء). أما وجبة الساعة العاشرة والعصر فيمكن أن تكون حبة فاكهة أو خضار أو فنجان لبن الخ.
الحمية بواسطة الحبوب التي تمسك الدهن، وتمنع انتقاله من الأمعاء إلى الدم، منتشرة هذه الأيام. صحيح أنها تمسك الدهن، وقد أطلق عليها اسم "صيادة الدهون" وأسماء أخرى، فهي تحتوي على ألياف تمسك الدهون وتمنع انتقالها إلى الأمعاء، وبهذا تقلل من كمية الدهون التي تدخل إلى الأمعاء. حقا أنها تخفف الوزن، ولكن يجب أن نأخذها بمراقبة طبيب أو خبير غذائي، ذي خبرة، لأن الخبرة بطريقة عملها وتأثيرها على الجسم تتفاوت من خبير إلى آخر. وفي كل الأحوال يجب ألا نتناولها من البائعين المتجولين او نشتريها من حوانيت البقالة وما شابه. علينا الحذر كثيراً لأننا إذا أسأنا استعمالها فأنها قد تضر بصحتنا. ورغم أن هذه الحبوب تساعد على تخفيف الوزن، إلا أنها تقلل ايضاً من الفيتامينات التي تذوب بالدهن، مثل الفيتامين A،D،E و K ، وجميعها ضرورية جداً للجسم، ويسبب نقصها أمراضاً كثيرة. كذلك تقلل هذه الحبوب من الكالسيوم الضروري لبناء العظام، وعمل العضلات، وخاصة عضلة القلب.
حمية الحبوب التي تقلل الشهية
توجد في الصيدليات أدوية وعقاقير اصطناعية توصف لتقليل الشهية، وهي تعمل على مركز الجوع والشبع، الذي منحه الله لنا كوسيلة لحماية جسمنا. هذا المركز موجود في أحد أقسام الدماغ ومن وظائفه فحص الدم الذي يصل إليه ليعطينا الشعور بالجوع أو الشبع. ويؤدي إتلاف أو تعطيل مركز الشبع إلى عدم شعورنا بالشبع، وهذه الحبوب تعمل على هذا المركز ويمكن أن تسبب له الضرر وتؤدي إلى مضاعفات مثل ارتفاع ضغط الدم، نبض قلب سريع، إرتجاف عضلات، الخ...
وقد دلٌت الدراسات على أن بعض الأشخاص الذين استعملوا هذه الحبوب أُصيبوا بحالة اكتئاب، ومنهم من تحول إلى عصبي المزاج وأصبح منطوياً على نفسه. أي أن هذه الحبوب تسبب مشاكل جسدية ونفسية. أنها فعلا تقلل الشهية، غير أن لها مضاعفات كثيرة، لذلك ينصح بعدم استعمالها. أما بالنسبة للحبوب الطبيعية التي تسد الشهية، فهنالك دراسات قليلة حولها، تقول أن لها بعض المضاعفات ولكن بشكل عام أقل بكثير من الصناعية. ومع هذا يجب ان يكون إستعمالها بمراقبة أخصائي.
تخفيف الوزن بطريقة الوخز بالإبر
تعمل هذه الإبر على الأعصاب المتصلة بمركز الشهية في الدماغ وتبطل عمله، ولكن تأثيرها في كثير من الحالات يكون مؤقتاً، ويعود الناس إلى ما كانوا عليه قبل العلاج، لا بل ويزداد وزنهم أكثر من السابق.
نصائح عامة
إن عملية تخفيف الوزن ليست بهذه البساطة التي يراها الناس، إنها عملية دقيقة للغاية وتحتاج إلى مراقبة من قبل اخصائيين.
وفي هذا الصدد أُحذٌر وأقول أن الحديث يدور هنا حول الصحة، وجسمنا معقد التركيب وأجهزته مرتبطة الواحد مع الآخر. وما يؤثر على جهاز يمكن أن يؤثر على باقي الأجهزة. إن أجهزة جسمنا تعمل بمنتهى التوازن والدقة، والمواد التي تنظم عمل هذه الأجهزة تقاس بأجزاء المليون من الغرام. لذا يجب أن نعرف كل مادة تدخل إليه ونتأكد منها.
صحيح أن زيادة الوزن تسبب مشاكل صحية، لكن طرق التخلص السيئة من هذه الزيادة تسبب مشاكل أكثر.
إن أفضل طريقة لتخفيف الوزن هي تقليل السعرات التي نستهلكها يومياً وممارسة التمارين الرياضية. هذه الطريقة لا تخفف الوزن فحسب، وإنما تقوي كافة أجهزة الجسم وتمنع إصابتها بالأمراض. ولتخفيف كمية السعرات علينا أن نعرف ماذا نأكل ونعرف ماذا تحتوي كل مادة نأكلها وكم تعطينا من السعرات.
ونؤكد هنا ثانيةً أن الرياضة وحدها لا تكفي لتخفيف الوزن، بل يجب أن ترافقها عملية تقليل السعرات الحرارية، أي التقليل من الأطعمة التي تعطي سعرات حرارية.
وأفضل التمارين الرياضية هي المعروفة بتمارين "الايروبيكا" مثل: السباحة والمشي وركوب الدراجات وغيرها...علينا أن نشدد أيضاً على أن كل عملية تخفيف وزن يجب أن يرافقها تناول حبوب فيتامينات، لتعوٌض عن النقص.
تعتبر عملية تخفيف الوزن ناجحة وناجعة عندما نحافظ على الوزن الجديد لمدة طويلة، ولا نعود إلى الوزن السابق، لذا فإن أدق تسمية لعملية تخفيف الوزن هي تغيير نمط الحياة حقاً، وإذا لم يكن هنالك تغيير في نمط الحياة تكون العملية فاشلة. وتغيير نمط الحياة يعني أن يغير الشخص من عادات غذائه ويعوٌد نفسه على تناول كميات قليلة من مأكولات تحتوي على كافة مركبات المواد الغذائية اللازمة، فإذا خفٌض كمية السعرات اليومية يجب أن يبقى على هذا المعدل لأن جسمه قابل للسمنة، ولأنه إذا عاد مرة أخرى إلى الكمية السابقة فإن وزنه سيزداد ويعود إلى مثل ما كان عليه. ثم عليه أن يواصل ممارسة الرياضة دائماً وليس فقط أثناء فترة تخفيف الوزن، فإذا توقف عن الرياضة سيعود جسمه أيضاً إلى ما كان عليه.